Monday, February 3, 2014

رياضة العاب القوى في فلسطين من الثلاثينيات وحتى عام 1948

    
     
عصام الخالدي

   مارست المدارس التي تأسست في فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين رياضة العاب القوى ضمن برامجها المدرسية ومهرجاناتها السنوية.  وكما تشير معظم اخبار الحفلات المدرسية (في صحيفتي فلسطين – تأسست عام 1911 ، والدفاع – تأسست عام 1934) منذ بداية العشرينيات أن هذه الحفلات والمهرجانات المدرسية كانت تضم أنواعا عديدة تدخل ضمن العاب القوى مثل سباق الجري ورمي القرص والجلة والقفز العريض والطويل.   يشير محرر زاوية الالعاب الرياضية في صحيفة (الدفاع) خير الدين أبو الجبين إلى أنه "رغم أن ألعاب الساحة والميدان كانت تأتي في المرتبة الرابعة بعد كرة السلة (في المرتبة الأولى كرة القدم والملاكمة في المرتبة الثانية) ، وألعاب القوى كانت رائجة في المدراس حيث تنظم لها بطولات ومهرجانت كبيرة .... وكانت هذه البطولات في هذه الألعاب (الساحة والميدان) منظمة بشكل جيد إلى درجة تفوق التصور ، حيث تبدأ البطولات في كافة مدارس المناطق والمدن الفلسطينية ، ومن ثم كان يحشد لها يوم التصفية العامة في كافة مدارس المناطق والمدن الفلسطينية ، ومن ثم كان يحشد لها يوم التصفية العامة في مهرجان كبير وضخم .[1]
 أقيم أول سباق جري في فلسطين على مستوى الأندية في مدينة يافا في عام 1913 نظمه المنتدى الأدبي في يافا وكان طول المسافة 1800م حيث اشترك فيه سبعة من أعضاء هذا النادي انطلقوا من بيارة الأقباط مرورا بجميزات المساكين على طريق القدس وساروا في شارع زقاق البطمة حتى آخره حيث المنتدى.[2]
    رداً على مهرجاني المكابياد الذين نظمتهما الوكالة اليهودية  في عامي نيسان 1932 و 1935 فقد قرر الاتحاد الرياضي الفلسطيني  (تأسس عام 1931) بالتنسيق مع مؤتمر الشباب إقامة مهرجان رياضي كشفي على ملعب البصة في مدينة يافا في 14 تموز 1935 (أي بعد حوالي أربعة أشهر فقط على إقامة المكابياد الثاني الذي أقيم في نيسان 1935 في تل أبيب) . كانت ألعاب القوى تدخل ضمن برنامج الحفل: ركض 100 ، 200 ، 400 ، 800، 1500 متر ، القفز العالي والقفز العريض ، قذف الرمح والجلة و القرص .  
   لقد كانت البداية الحقيقية لانطلاق العاب القوى فلسطين في نهاية عام 1945 عندما تم تشكيل لجنة ألعاب القوى التابعة للاتحاد الرياضي الفلسطيني (وكانت تضم أيضا الدراجات).[3]  في كانون الثاني 1946 عقدت لجنة ألعاب القوى العامة للاتحاد جلستها الأولى في قاعة نادي الهومنتمن (الأرمني) وقررت تأليف لجنة لوضع القانون الأساسي الذي ستسير عليه ألعابها كما وانتخبت لجنة فرعية لكل منطقة وكانت هناك مهمة ملقاة على عاتق هذه اللجنة وهي الاشتراك في الاتحاد الدولي لألعاب القوى والمشاركة العربية في الأولمبياد الذي كان سيجري في لندن في سنة 1948.[4] وكانت هذه اللجنة تضم في عضويتها السيد ليفون كششيان وجورج طنوس وإبراهيم نسيبة وحسين حسني  (من مصر ، أستاذ للتربية البدنية في روضة المعارف ومدارس الأيتام الإسلامية ، كان يكتب لزاوية الألعاب الرياضية في صحيفة فلسطين) وقد عملوا بجهد من أجل إقامة سباقات في الركض والرمي (القرص ، الجلة ، الرمح).
     في شباط 1946 اجتمعت هذه اللجنة بالقدس بحضور سكرتير الاتحاد عبد الرحمن الهباب  وتقرر ما يأتي:
  أولاً: إجراء نوع من أنواع السباق أو الركض أو القذف كمسابقة في كل شهر. ثانياً: اعتماد سباق الضواحي لثلاثة كيلومترات للمناطق وخمسة لبطولة فلسطين في أواخر شهر نيسان 1946. ثالثاً: تقرر الاتصال بالأندية ومطالبتها بتدريب أعضائها على سباق الدراجات لإجراء بطولة فلسطين في مدينة القدس في أوائل أيار.[5]
       في شباط 1946 قرر الاتحاد تعيين كامل هشلموني سكرتير لألعاب القوى القدس وقد جاء في الزاوية الرياضية في صحيفة (فلسطين)  في 7 نيسان 1946 "هذا هو السيد محمد كامل الهشلموني البطل العربي المجهول بيننا والبالغ من العمر اثنين وعشرين عاما أحب السباق الطويل أثناء دراسته الابتدائية ، وتفوق في حفلات مدارس الحكومة وبالألوية في أربع سنوات متواليات لمسافة 1500 متر وبعد أن تخرج من المدرسة الثانوية طلب وظيفة من إدارة المعارف فعينته معلما إضافياً بمدرسة قرية "الطور" بجوار القدس وهو لا يزال يعمل فيها لليوم وقد التحق بجمعية الشبان المسيحية عام 1944 واشترك في حفلة المسابقات العامة بين أبطال الجيش من انكليز وأمريكان في هذا النوع من السباق فكان الأول بينهم واضطر أن يرفع من شأن العرب فاشترك في حفلة أولمبياد 1945 اليهودية الدولية الكبرى بتل أبيب فأحرز فيها الأولية بين دهشة الجميع واستغرابها حتى ضرب لهم رقماً قياسياً جديداً في هذا السباق فقطع المسافة بأربع دقائق واثنتين وعشرين ثانية فكان بينه وبين البطل العالمي بضع ثوان وقد حاولوا بشتى الطرق إغراءه بما عندهم من مال وجمال... أن يضموه إليهم أو يلعب باسمهم ولكن وطنيته وغيرته أبتا ذلك بإباء وشمم ولديه من الكؤوس الفضية ثمانية ومن الميداليات والأوسمة اثنين وثلاثين فلو كان هذا البطل في بلد غير بلادنا لانفتحت أمامه أبواب العمل مع أحسن التشجيع وقدمت له الهدايا والمساعدات الأدبية والمادية وتخاطفته الدوائر والمؤسسات والشركات والأندية وهيأت له سبيل العيش ليكثر من المران ويستطيع أن يمثل بدله بين الأمم ويرفع من شأنها ويحسن دعايتها، فالأمم في هذا العصر تقاس على قدر ما يكون لشبابها من القوة والشجاعة والبطولة)."

     في 11 نيسان 1946 أقام الاتحاد الرياضي الفلسطيني بطولة لألعاب القوى على ملعب جمعية الشبان المسيحية، وفي السابع والعشرين من تموز 1946 أقامت لجنة منطقة يافا للاتحاد الرياضي الفلسطيني مهرجانا رياضيا اشترك فيه لاعبو الأندية المسجلة في الاتحاد في منطقة يافا. كان هذا المهرجان يضم مسابقات المائة متر والمائتين والأربع مئة والثماني مئة والقفز العالي والعريض ورمي الكرة المعدنية (الجلة) والمواصلات . كانت الغاية من هذا المهرجان هو انتخاب أبطال المنطقة الذين سيمثلونها في المهرجان الرياضي العام لفلسطين، ولذلك فقد اعتبر هذا المهرجان نصرا رياضيا كبيرا لأنه عبر عن قوة التنظيم وكان رداً على المهرجانات العديدة التي كانت تقوم بها المنظمات اليهودية. وبعد هذا المهرجان فورا في عددها الصادر في 17 تموز 1946 نشرت صحيفة (فلسطين) الخبر التالي عن السيد ليفون كششيان سكرتير اللجنة العامة لألعاب القوى التابعة للاتحاد الرياضي الفلسطيني أن الأرقام التي كسرت في مهرجان العاب القوى الذي أقيم في القدس مؤخرا كلها قياسية بالنسبة للاتحاد لأن هذا المهرجان هو الأول الذي يقيمه الاتحاد وأن الأرقام الصحيحة للإعلام هي كما يلي:
100متر فاز بها الزعبلاوي "النادي الدجاني" وقطعها في 11.5 ثانية.
200 متر فاز فيها أبو جضم "أرثوذكسي القدس" 24.5 ثانية.
400 متر فاز فيها حريري "النادي الدجاني" 52 ثانية.
800 متر فاز فيها بدور "أرثوذكسي القدس" وقطعها في دقيقتين و 15.9 ثانية
1500 متر فاز فيها محيي الدين دجاني "النادي الدجاني" وقطعها في أربع دقائق و36 ثانية.
المواصلات فاز بها الأرثوذكسي والوقت هو 50 ثانية .
القفز العريض فاز فيه جورج طنوس "النادي الأرثوذكسي" وقد قفز 5.77 متراً.
القفز العالي فاز فيه طوقان "أهلي القدس" وقد قفز 162 سنتمتراً.
الثلاث قفزات فاز فيها إسماعيل دجاني "الدجاني" وقد قفز 11.77 متراً.
رمي القرص فاز فيها بلدوغيان "هومنتمن" وقد رمى 31.93 متراً.
رمي الجلة فاز فيها عارف "قروي" وقد رمى 11.30 متراً.
بشأن هذا المهرجان صرحت صحيفة بالستاين بوست (Palestine Post) فيما بعد أن النادي الأرثوذكسي فاز بهذه البطولة وحصل على 36 نقطة والثاني النادي الدجاني وحصل على 27 نقطة تلاه النادي الأهلي بعشرين نقطة ، ونال كأس البطولة جورج طنوس هذا الكأس المقدم من بلدية القدس ، وكان هذا الاحتفال قد أقيم  تحت رعاية اللجنة التنفيذية العربية. [6]
   
سباق الضاحية

   في تموز 1946 أقام النادي الرياضي الإسلامي في الرملة سباق الضاحية بين اعضائه وقد ابتدأ السباق من دار النادي فالمحطة فمفرق الرملة اللد فمركز البوليس فالنادي ثانية وكان الفائز الأول الملاكم أحمد يعقوب وقطع المسافة بمدة ثلاثين دقيقة ونال كأس السيد سعيد الملا والفائز الثاني السيد عبد اللطيف العدوي والفائز الثالث السيد عبد المحسن علي حسن والرابع السيد محمد معروف. (صحيفة "الدفاع" 11 تموز 1946).
   في أيار 1947 نظم الاتحاد الرياضي الفلسطيني سباق للضاحية لقطع ثمانية كيلومترات اشترك به ستة وعشرون عداء من مختلف بلدان فلسطين وكانت هيئة الإشراف على السباق تتألف من رجال الاتحاد: ليفون كششيان سكرتيراُ وخير الدين أبو الجبين مسجلاً وإبراهيم نسيبة مراقبا وروك فراج وصبحي فرح مؤقتين. وكما تشير صحيفة (الدفاع)  "بدأ السباق في تمام الساعة الرابعة بعد الظهر أعلن السيد إبراهيم نسيبة بدء السباق فانطلق المتسابقون وكل منهم يأمل بالفوز  متجهين نحو شارع جمال باشا فساحة البلدية فشارع النزهة فشارع المستشفى فالحلوة فشاطئ الشباب ومن هناك قفلوا راجعين في نفس الطريق إلى أن وصلوا إلى ملعب البصة وكانت الجماهير الغفيرة تقف على جوانب الطريق التي اجتازوها مما يدل على اهتمام الشعب بهذا السباق الأول من نوعه ، وكانت تسير مع المتسابقين سيارتين للمراقبة والإسعاف".[7]



[1]  خالد عجاوي ، (الحركة الرياضية الفلسطينية في الشتات)، الدار الوطنية الجديدة ، دمشق ، 2001 ،  ص. 29.
[2]  صحيفة (فلسطين) 21 أيار 1913. "أقام المنتدى الرياضي حفلته السنوية في أيار 1913 وهي أول حفلة يقوم بها بعد تأسيسه.
في  أكتوبر 1911 قام فريق من الشبان في يافا بتأسيس ناد جديد للرياضة وكانوا قد  عرضوا برامجه وقوانينه فيما بعد وطلبوا ممن يريد المساعدة في دعم هذا النادي أن يعلم بذلك أحد أعضائهم، وقد سمي فيما بعد السيركل سبورتيف (المنتدى الرياضي). وفي الثلاثينيات تحول اسم هذا المنتدى إلى النادي الرياضي في يافا (السيركل سبورتيف) (Circle Sportive) يعتبر هذا النادي أول نادٍ رياضي ثقافي اجتماعي في فلسطين. وقد لوحظ أنه بعد بدء الانتداب في فلسطين أصبح يهيمن عليه الجهاز العسكري الذي كان نشيطاً في مجال لعبة التنس حيث بدأ بإقامة منافسات في هذا النوع من الرياضة منذ بداية العشرينيات بمشاركة الجنود والضباط البريطانيين. عمل هذا النادي حتى عام 1948.
[3]  تأسس الاتحاد الرياضي الفلسطيني في عام 1931 وجاء ردا على ممارسات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم الذي كان يهيمن عليه اليهود والذي كان عضوا في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). توقف الاتحاد الرياضي الفلسطيني عن العمل في نهاية الثلاثينيات وفي أيلول 1944 تم إعادة تشكيله ، وقد شكل هذا الاتحاد لجان مناطق ولجان فرعية لكل أنواع الرياضة ، قام بتنظيم بطولات لفلسطين ، وأرسى أسس للعلاقات مع الاتحادات الرياضية في الدول العربية ، كما وتقدم بالطلب للانضمام للاتحاد الدولي الذي رفض طلبه هذا .
[4]  صحيفة (الدفاع) 22 كانون الثاني 1946.
[5]  صحيفة (فلسطين) 19 شباط 1946 هذا وقد رحبت اللجنة أحد أعضائها السيد جورج طنوس أثناء سفره إلى مصر لزيارة ألعاب القوى هناك للوقوف على شؤون معينة.  
[6]  Palestine Post , July 18 1946  
[7]  صحيفة (الدفاع)   19 أيار  1947
         

No comments:

Post a Comment