Saturday, October 4, 2025

الرياضة والتيار النازي في فلسطين


  عصام الخالدي

 

     بعد قراءتي لكتاب (الملف: أصول مجزرة ميونيخ) The FILE: The Origin of The Munich Massacre الصادر في عام 2020 المثير للجدل لمؤلفه غسان حداد (الذي يلقي باللوم على العرب لعدم تعاونهم مع الصهاينة في مجال الرياضة ، ويُمجّد في إنجازات القيادات الرياضية الصهيونية في هذا المجال حتى أنه يتفوق على المؤرخين الإسرائيليين بتمجيده لهم) ، وعدة مقالات كتبها في (مجلة التاريخ الأولمبي) رأيت أن أُعرّف القارىء على بعض القضايا التي لم يُكشف عنها من قبل ألا وهي الرياضة الفلسطينية والتيار النازي في فلسطين، وذلك بالرغم من أن كاتب (الملف) يبالغ في دور هذا التيار ويعطيه اكثر من حجمه في كتابه هذا.

  كان هدف الصهاينة يكمن في استخدام الرياضة وكل الوسائل الثقافية لأجل بناء الوطن القومي ، فمن المعروف أنهم لم تكن لديهم النية في التعاون مع العرب ، ورغم ذلك كانوا يدّعون دائما أن العرب لم يريدوا التعاون معهم في المجال الرياضي، ولكنهم وبشكل شبه علني كانوا يستخدمون الرياضة كغطاء من اجل نشاطاتهم العسكرية والاستيطانية وتأجيج المشاعر القومية بين اليهود . [1]

من المعروف أن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم Palestine Football Association كان قد تأسس عام 1928 من قبل اليهود والعرب والإنجليز بمبادرة من منظمة المكابي الرياضية الصهيونية ، ودخل في عضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1929 ، إلا أن الصهاينة فيما بعد قاموا بالانفراد في هذا الاتحاد وتهويده وإبعاد العرب عنه وتهميشهم، وأصبحوا يحتكرون الساحة الرياضية بتمثيلهم فلسطين محليا وإقليميا ودوليا.[2] وكان هناك تنسيق وتعاون وثيق بين البريطانيين والصهاينة في المجال الرياضي مما سهل على الثاني تحقيق تطور رياضي ملحوظ.[3] وقد أدت الممارسات الصهيونية على الصعيد الرياضي إلى استياء العرب ودفعهم إلى تشكيل الاتحاد الرياضي الفلسطيني (العربي) في عام 1931 والذي استمر في العمل حتى عام 1938 ، وفيما بعد أعيد تشكيله في أيلول عام 1944، وكانت فترة 1944 – 1947 هي الفترة التي تميزت بها الرياضة الفلسطينية بقوة التنظيم والانطلاق على صعيد محلي وعربي، وذلك بفضل جهود الاتحاد الرياضي الفلسطيني (العربي).[4]

 

         تكرر مشهد تهميش العرب عن الساحة الرياضية أيضا عندما قام الصهاينة بتأسيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية في عام 1933 ، والتي دخلت في عضوية اللجنة الأولمبية الدولية في أيار 1934. ومن المعروف أن الصهاينة كانوا يهدفون إلى التفرد بهذه اللجنة منذ البدء عندما تقدموا بالطلب لوحدهم ، ولكن اللجنة الأولمبية الدولية أصرت أن تشكل هذه اللجنة من اليهود والمسلمين والمسيحيين ، فبذلك قام الصهاينة بدعوة شخصية عربية مسلمة وأخرى مسيحية من أجل تشكيل هذه اللجنة ، وحال انتهاء المهمة قاموا بالتفرد بها .

   لا أحد ينكر أنه كان هناك تقدم ملحوظ في مستوى الرياضة اليهودية التي كانت تسبق في مستواها التنظيمي الرياضة العربية ، فالمهاجرون اليهود قد هاجروا إلى فلسطين من دول صناعية متطورة حاملين معهم خبرة وثقافة من ضمنها الرياضية . وقد كانوا ينتمون إلى مجتمع غربي صناعي اشتراكي، ذي مركزية التنظيم ، وقد قادت هذا المجتمع نخبة من الإداريين الفعالين والملتزمين الذين كانوا يملكوا الثقة العالية بكفاءتهم نحو طبيعة الأمور.[5] ولكن هذا لا يبرر شعورهم بالتفوق وهيمنتهم على الحركة الرياضية وتجاهلهم وتهميشهم للعرب . وللأسف أن الحركة الوطنية الفلسطينية لم تشمل الرياضة ضمن اجندتها الوطنية، ولم تعرها اهتماماً مثلما فعلت الحركة الصهيونية التي سخرت كل النشاطات الثقافية بما فيها الرياضية من اجل تحقيق اهدافها القومية .

 

   كانت الألعاب الأولمبية الحادية عشر سوف تقام في برلين في ألمانيا عام 1936 ، وقد ارسلت اللجنة الأولمبية الألمانية دعوة إلى خمسة وخمسين دولة من ضمنها فلسطين من أجل المشاركة في هذا الأولمبياد. وبرغم صعود هتلر إلى الحكم وموقف الحزب النازي من اليهود إلا أن القيادة الرياضية الصهيونية رأت أنه من صالحها الاشتراك في هذه الألعاب الأولمبية كممثلة لفلسطين، فهي بذلك تستطيع إرسال رياضيين ليرفعوا العلم "الأبيض والازرق" وجعل حضورهم دليل على وجود ممثلين ل(أرض إسرائيل) . وقد أرسل فريدنثال رئيس المكابي (منظمة رياضية صهيونية) في ألمانيا رسالة يطلب بإلحاح مشاركة فلسطين في هذه الألعاب ، إلا أنه وبعد صدور قوانين نوريمبرج (التي صدرت في أيلول عام 1935 وكانت تتضمن تجريد أي مواطن غير آري من الجنسية الألمانية) فقد قرر الصهاينة عدم المشاركة في هذا الأولمبياد. فمن هنا رأوا أن هذا المكابياد (مهرجان كشفي رياضي على نمط الألعاب الأولمبية أقامه الصهانية في فلسطين في عامي 1932 و1935) الذي كانوا خططوا له في ربيع عام 1935 تكمن به أهمية أكبر بتحقيق أهدافهم .

  ويجب الإشارة هنا إلى هذا التعاون الوثيق بين الصهيونية والنازية ففي  حين كانت المقاطعة العامة للبضائع الألمانية سارية في أميركا وأماكن أخرى، توصلت الوكالة اليهودية في فلسطين إلى اتفاق مثير للجدل مع ألمانيا النازية لنقل رأس المال الألماني اليهودي إلى خارج ألمانيا. وقد تعرض هذا الاتفاق كما يشير المؤرخ الصهيوني جورج آيسين George Eisen لانتقادات شديدة باعتباره خرقاً للتضامن اليهودي ضد ألمانيا النازية ، ولكن تم الدفاع عنه بقوة على أساس أنه كان السبيل الوحيد للحفاظ على المصالح الصهيونية. ويضيف آيسين أن هذا الارتباط الاقتصادي المتنامي بين ألمانيا النازية "وأرض إسرائيل" [فلسطين] قد أثبت فائدته لكلا الجانبين.[6] أيضاً في عام 1933 وقعت شركة الحمضيات الفلسطينية معاهدة تجارية مع ألمانيا النازية تقضي ببيع الحمضيات لألمانيا من أجل توفيرها للمشاركين في الألعاب الأولمبية في برلين عام 1936، كما كانت هناك فكرة شراء منبر متحرك Portable tribune من ألمانيا من أجل مكابياد عام 1932 (مهرجان رياضي على نمط الألعاب الأولمبية أقامه الصهاينة في تل أبيب في عامي 1932 و1935) ولكنها لم تحدث بسبب السعر العالي له.  [7]

 

إن السؤال الأول الذي يبرز هنا هل شارك وفد عربي  في أولمبياد برلين 1936 ؟ وهذه احد الأخبار في صحيفة (فلسطين) في أيلول 1936 تجيب على هذا السؤال وتشير إلى مشاركة وفد فلسطيني عربي (رسمي وليس رياضي) في الألعاب الأولمبية في برلين وذلك دون التنسيق مع الجانب الصهيوني:

 

"عاد من ألمانيا فريق اعضاء جمعية الشبان المسيحية الذين سافروا إليها برئاسة السيد عطاالله إقديس مدير الألعاب الرياضية لمشاهدة الألعاب الأولمبية وقد قاموا هناك بالدعاية اللازمة لقضية فلسطين."[8]

 

وكان على رأس هذا الوفد عطا الله إقديس (هذه الشخصية التي يصفها حداد بالمثيرة للجدل، ويضع علامة استفهام عليها لشكوكه أنه كان عضواً في المجمع الماسوني ومتعاطفا مع النازية) الذي كان ناشطا رياضيا وعضوا في جمعية الشبان المسيحية YMCA في القدس ، والذي رحل إلى الولايات المتحدة في عام 1947 للدراسة في إحدى جامعاتها. وفي حديث لي مع الكاتب غسان حداد أشار لي أنه لم يستطع أن يحصل على أي وثيقة تاريخية تثبت مشاركة هذا الوفد كضيف سوى بالطبع الخبر الذي ورد في (فلسطين)، وكما أشار انه بإصراره سوف يصل إلى بعضها مستقبلاً من خلال اتصالات خاصة مع الأرشيف الألماني والروسي وغيرها.  ولربما سيجد هناك بين الوثائق التي حصل عليها أو (نهبها) السوفيات والأمريكيون عند دخولهم برلين ما يشير إلى مشاركة الفلسطينيين في هذه الألعاب كوفد رسمي عربي.

   السؤال الثاني الذي يبرز هنا أيضا ما هو التأثير النازي على الرياضة الفلسطينية ؟ لا احد ينكر هذا التأثير الذي تمثل في الضغط الذي فرضه الأعضاء العرب في مجلس جمعية الشبان المسيحية في القدس على رئيسها والدو هنريكس Waldo Heinrichs خاصة فيما يتعلق بالتعاون مع الجانب الصهيوني في المجال الرياضي ، إلا أنه وفي نفس الوقت يجب عدم المبالغة في تصوير التيار النازي بأنه كان متغلغلا بشكل كبير في فلسطين ، فمن المعلوم أن أكثر تأثير له كان في جمعية الشبان المسيحية في القدس ، فقد كانت هناك مجموعة من الأعضاء العرب وعلى رأسهم الدكتور توفيق كنعان بالإضافة إلى جورج سعيد وجورج خضر وبولص سعيد وجوردن بوتاجي وغيرهم الذين كان للفكر النازي تأثير واضح عليهم ، وقد حاولوا قدر الإمكان إبعاد الجمعية عن كل ما هو صهيوني والتأثير على رئيسها الذي كانت له خطط مغايرة لهؤلاء الأعضاء اهمها إبداء الرغبية في التعاون مع الجانب الصهيوني. وقد نجح هؤلاء الأعضاء في منع الجمعية من المشاركة في المكابياد (وهو مهرجان على نمط الألعاب الأولمبية أقامه الصهاينة عام 1932 و1935 من أجل جلب أكبر عدد من الرياضيين والسائحين وإبقائهم في فلسطين، ومن أجل إثارة المشاعر القومية لدى الشبيبة الصهيونية وتعزيز الحماس لديها من أجل بناء الوطن القومي اليهودي) وهذا ما أدى إلى استياء الجانب الصهيوني الذي أيقن بأن محاولة إبعاد الجمعية عن هذا المكابياد هي دليل كبير على هيمنة العرب على هذه الجمعية.

 

في تلك الفترة كانت فلسطين تعاني الأمرين من الانتداب وسياسته الداعمة للمخططات الصهيونية، فلذلك نظر الكثيرون إلى ألمانيا النازية كمتنفس لغضبهم على بريطانيا التي وعدت ومهدت الطريق للصهاينة لإقامة الوطن القومي . وكما يشير رينيه فلدانغل Rene Wildangel أنه كان لشخصية أدولف هتلر والحماس القومي الذي كان يروج له وما له من فعل بين الجماهير ، تأثيراً على الشعب الفلسطيني بشكل كبير بل ان الأمر يتعدى ذلك إلى درجة أن بعض شعارات النازية نالت صدى إيجابياً في أوساط الفلسطينيين ، غير أن دوافعها لم تكن منبثقة ، كما يقال ، عن معاداة السامية بشكل تام ، بل كانت ترتبط بمعارضة الاستعمار البريطاني عملا بمبدأ "عدو عدوي صديقي."[9]

 

  يشير غسان حداد في كتابه (الملف) إلى أنه في عام 1932 كان هتلر لا يزال على بعد عام واحد من السيطرة الكاملة على ألمانيا ، ولكن مع ذلك فقد استطاع ظل الصليب المعقوف (Swastika) الوصول إلى فلسطين. وعندما تولى النازيون السيطرة الفعلية على الرايخستاغ Reichstag، تلقى شاب ألماني يعيش في فلسطين اسمه كارل روف Karl Ruff رسالة من إرنست بوهلي Ernst Bohle في منظمة ما وراء البحار (Auslands- Organization / AO) التابعة لوزارة الخارجية الألمانية في هامبورغ. ثم بدأت هذه المنظمة في السعي والتحريض على إنشاء فروع لحزب العمال القومي الاشتراكي الألماني NSDAP (الحزب النازي) في الخارج. ومن المعروف أنه كان في فلسطين جالية المانية كانت تتمركز في مستعمرة سارونا  Saronaالتي كانت تقع شمال مدينة يافا على مقربة من تل أبيب ، كان بها حوالي مائتي ألماني فلسطيني يقيمون فيها ويتمسكون بقوميتهم الألمانية Deutschtum أو Germanness ، وكانت هناك ثلاث مجتمعات أخرى في حيفا والناصرة ورفائيم التي كانت تقع جنوب القدس مباشرة . وبحلول عام 1930 ، أصبح من الممكن اعتبار رفائيم ضاحية متصلة بالقدس الجديدة عبر الطريق المسمى طريق جوليان الذي يعتبر شريان يجري بين جمعية الشبان المسيحية وفندق الملك داود. [10]

 

    في بداية عام 1930 قرر راف تأسيس نوادٍ رياضية في حيفا وسارونا ، وفي ذلك الوقت لم يكن عدد اعضاء الحزب النازي يتجاوز الستة اعضاء ، ولكن بحلول نهاية هذا العام ازداد هذا العدد ليصل خمسة وعشرون أي الحد الأدني لتشكيل مجموعة نازية محلية Ortsgruppe.  وكما يشير حداد فإن اعضاء هذا الحزب قاموا بالتسبب بمشاكل كثيرة في جمعية الشبان المسيحية في القدس. [11] ومن المعروف أن هذه الجمعية YMCA كانت قد تأسست في بداية القرن العشرين ، وتم افتتاح مبناها الكبير في عام 1933 الذي بلغت تكاليفه حوالي المليون دولار. [12]

 

   كانت ألمانيا قد حصلت بالفعل على حقوق استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1936 ، المقرر عقدها في برلين، وكان الحزب النازي على وشك اغتصاب هذه الحقوق . وكانت القدس ستصبح ساحة معركة رئيسية في جهود المقاطعة الأولمبية. وعلى الرغم من أن الصحف الفلسطينية لم تنشر الكثير حول الحزب النازي الألماني في عام 1932 ، إلا أنها اصبحت تفعل ذلك فيما بعد يوميًا تقريبًا بمجرد تولي هتلر السلطة بالكامل في 30 يناير 1933.[13]

 

في أيلول قام هنريكس (رئيس جمعية الشبان المسيحية في القدس) بجولة لمطبعة دار الايتام السورية [1860 – 1940] مع [رئيسها] ارنست شنيلر. ومن المعلوم ان لجنة الترشيح في جمعية الشبان المسيحية اوصت بشنلر كأحد الأشخاص الستة عشر الذين ستنظر نيويورك بتعيينهم في مجلس جمعية الشبان المسيحية . وما لم يكن يعرفه هنريكس ونيويورك ان شنيلر مثله مثل الألمان الفلسطينيين الآخرين في جمعية الشبان المسيحية الذين تقدموا بطلب للانضمام للحزب النازي في نفس الوقت تقريبا. ومن المعلوم أن اصبح شنلر والاعضاء الآخرون اعضاء رسميين في الحزب في 1 كانون الثاني 1934 في ذروة التحريض النازي في جمعية الشبان المسيحية في القدس. [14]

 

   في عام 1907 افتتح افراهام فاست فندق (فاست)  Fastوكان عضوا في المستعمرة الألمانية German Colony  والمعبد الألماني German Templer . وكانت جمعية المعبد بمثابة نظاماً أخوياً ألمانياُ بروتاستنتيا. في عام 1930 أصبحت هذه الجمعية بمثابة مصدر لجميع قادة الحزب النازي في فلسطين باستثناء اثنين. وكانت تحتوي على قاعة مجتمعية في رفائيم وأرضية رياضية التي كان يستخدمها الحزب النازي للاحتفال بالمهرجانات النازي الرئيسية من عام 1933 وصاعداً. [15] ومن الجدير بالذكر أن الوفد الفلسطيني الذي كان زائرا في أولمبياد برلين كان قد حصل على بطاقات السفر من فندق فاست الذي كان يعمل أيضا كوكالة سياحة وسفر.

 

في 15 تشرين الثاني عام 1933 استولى الغستابو على كل السلطة . وبعد عدة أيام وصل مبعوث الدعاية من وزارة غوبل  Goebbels[وزير الدعاية] إلى فلسطين وهو شخص باسم دكتور إيفين. وبعد ثلاثة اشهر ونصف من وصوله كان النازيون يمارسون نفوذهم في جمعية الشبان المسيحية في القدس لدرجة أن قام رئيسها هنريكس Heinrichs بالعودة إلى نيويورك. [16]

 

    بالطبع حاولت الصحافة الصهيونية أن تستغل أي تعاطف عربي من ألمانيا لصالحها مبررة في نفس الوقت المفاوضات السرية للوكالة اليهودية مع القيادة النازية بشأن  مصير اليهود التي عكست التواطؤ الجلي بين الصهيونية والنازية،  ويشير حداد إلى أنه وبحلول شهر أكتوبر (1933) كان هناك ما يكفي من النشاط النازي في فلسطين ليتم نشره في الصحافة العالمية من قبل صحيفة (جويش ديلي بوليتن) . وقد جاء ضمن مراسلات خاصة لوكالة التلغراف اليهودية (JTA) بتاريخ 16 سبتمبر (1933) أن "عيسى البندك ، رئيس تحرير صحيفة (صوت الشعب) الأسبوعية التي كانت تصدر مرتين في بيت لحم ، غادر إلى باريس حيث سيتلقى تعليمات من مجموعة من الألمان والعرب حول "القيام بالدعاية النازية" في فلسطين. وتضيف هذه الصحيفة أن البندك قد لعب مؤخراً دوراً  في تنظيم الحزب الفاشي العربي في بيت لحم ، هدفه مضايقة اليهود.[17]

وبحسب المصادر فإن معظم الجماعات النازية خارج ألمانيا كانت بالكاد تشكل 5% من جميع الألمان في الخارج ، أما في فلسطين كان عدد الفلسطينيين من أصل ألماني الذين أنضموا إلى حزب العمالي القومي الاشتراكي الألماني حوالي 19%. تشير هذه الأرقام إلى الاهتمام النازي الكبير بمصير فلسطين.[18]

 

  بالطبع ، لا احد يشك في صحة هذه الأرقام إلا أنها تبقى صغيرة وتقتصر على الفلسطينيين من أصل ألماني. أما التعاطف الذي أبداه البعض مع النازية فإنه لم يكن نابعاً من العداء للسامية بل من طبيعة الأوضاع االسياسية والنقمة التي كان يكنها الفلسطينيون للانتداب وسياسته الداعمة لبناء الوطن القومي اليهودي . بالتأكيد من الصعب تجاهل الدمار والكوارث التي الحقتها النازية بالعالم (بما فيها المحرقة  - الهولوكوست والتي دفع ثمنها الفلسطينيون)، إلا أنه يجب أن لا يغرب عن البال أن الكارثة التي الحقتها بريطانيا بفلسطين خاصة بما يتعلق بإقامة الوطن القومي اليهودي ووصولا إلى نكبة 1948 كانت تداعياتها أكثر بآلاف المرات من التأثير النازي في فلسطين .

 

     وفي نهاية الأمر لم يكن لهذا التيار تأثير يُذكر على مسار الحركة الوطنية الفلسطينية ، ولا حتى على مسار الحركة الفلسطينية التي  كان خطها موازياً للحركة الوطنية الفلسطينية وكانت أيضا في صراع مع المشروع الصهيوني ، ناهيك عن أن النشاط الرياضي في جمعية الشبان المسيحية في القدس لم يمثل الرياضة الفلسطينية بأكملها ، بل كان يشكل جزءاً منها.

 

 المراجع 



[1] عصام الخالدي ، تاريخ الحركة الرياضية في فلسطين www.hpalestinesports.net  

[2]عصام الخالدي ، اللقاءات الرياضية العربية اليهودية في حقبة الانتداب البريطاني في فلسطين ، أنظر:

http://www.hpalestinesports.net/2015/06/blog-post_24.html#more

[3] عصام الخالدي ، الأخبار الرياضية في صحيفة (الدفاع) ، حوليات القدس ،  العدد التاسع ، صيف 2010 ، ص. 27 - 33.

[4] عصام الخالدي ، تاريخ الحركة الرياضية في فلسطين www.hpalestinesports.net

[5] Walid Khalidi. Palestine Reborn,(I.B. Tauris and Co: London,1992), p. 119.

[6]  George Eisen.  “The Maccabiah Games: A History of the Jewish Olympics, (Doctoral thesis, Uiversity of Miami, 1979) p. 205.

[7]  نفس المصدر . ص 204 – 205.

[8] صحيفة (فلسطين) 2 أيول 1936 ، ص 5

[9] فلسطين والحقبة النازية https://ar.qantara.de/content/trykh-mthyr-lljdl-flstyn-wlhqb-lnzy

[10] San Charles Haddad, The File, Origins of the Munich Massacre. (Post Hill Press: New York, 2020).  P 129

[11] San Charles Haddad, 119

[13] San Charles Haddad, 106

[14] San Charles Haddad, 131

[15] San Charles Haddad,104

[16] San Charles Haddad,125

[17] San Charles Haddad, 131

[18] San Charles Haddad, 123   

No comments:

Post a Comment