Saturday, October 4, 2025

الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يصر على عدم طرد إسرائيل

 

عصام الخالدي

 

   نشر موقع "داخل عالم كرة القدم" Inside World Football قبل عدة أيام أن مجلس الفيفا وهو أعلى هيئة لصنع القرار في المنظمة ، والذي عقد اجتماعه قبل الأخير لهذا العام ، فشل في معالجة حظر محتمل على إسرائيل من اللعبة الدولية أو قضية أندية المستوطنات في الضفة الغربية، التي أثارها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم لأول مرة في عام 2013.

 

  بدلاً من ذلك ، قدّم إنفانتينو ومجلسه رسالة سلام. قال إنفانتينو: "نحن في الفيفا ملتزمون باستخدام قوة كرة القدم لجمع الناس معًا في عالم منقسم. أفكارنا مع أولئك الذين يعانون من الصراعات العديدة الموجودة حول العالم اليوم، وأهم رسالة يمكن أن تنقلها كرة القدم الآن هي رسالة السلام والوحدة".

 

"لا يمكن للفيفا حل المشكلات الجيوسياسية، ولكن يمكنها ويجب عليها تعزيز كرة القدم في جميع أنحاء العالم من خلال تسخير قيمها الموحدة والتعليمية والثقافية والإنسانية".

 

  بعد الاجتماع  ، التقط إنفانتينو صورة مع رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب (الصورة على اليسار). واختصر المناسبة بفرصة أخرى لالتقاط صورة ، فكتب على إنستغرام: "أشيد بالرئيس الرجوب والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم على صمودهما في هذا الوقت ، وأكدت له التزام الفيفا بتسخير قوة كرة القدم لجمع الناس في عالم منقسم". وقد سعى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مرارًا وتكرارًا إلى تعليق عضوية إسرائيل ، بما في ذلك خلال مؤتمر الفيفا العام الماضي في بانكوك، تايلاند. وأمر رئيس الفيفا جياني إنفانتينو بإجراء "تحليل قانوني مستقل" لشكوى فلسطين ، التي أُحيلت إلى لجنتي التأديب والحوكمة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

   هناك عدة أسئلة تبرز هنا: أولا لماذا قامت الفيفا بمعاقبة روسيا فورا بعد أربعة أيام من اجتياحها لأكروانيا ، ثانيا: لماذا لم تدن الفيفا ولو حتى بكلمة واحدة قتل الرياضيين وتدمير البنية التحتية في قطاع غزة بالكامل ، ثالثا: لماذا تخشى الفيفا من التصويت لطرد إسرائيل منها إذا كانت هي مؤسسة ديمقراطية حقا؟ رابعا: ما هو سر التقارب المثير للجدل لرئيس الفيفا من الرئيس ترامب الذي حذر من طرد إسرائيل من الفيفا ومن عدم مشاركة إسرائيل في كأس العالم في عام 2026 ، والذي يتباهي بأنه من أكثر الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة الذين قدموا الدعم لإسرائيل؟

 

  لا نرى هنا سوى النفاق وازداجية المعايير وابتعاد عن كل المبادىء التي تأسست عليها هذه المؤسسة الحاكمة لكرة القدم ، وبصراحة كتبتُ كثيرا عن هذا الموضوع حتى أنني بدأت أشعر "بالاشمئزاز" بسبب التأجيل والمماطلة والحجج والأعذار التي أتى بها رئيسها ، وبسبب عدم التزام هذه المؤسسة بالقيم الانسانية التي تأسست عليها . ونرى رئيسها الآن يعتقد بأن وجوده مرتبط بالتملق والتودد للإدارة الأمريكية . واللوم لا يٌلقى عليه فقط ، بل على مجلس الفيفا أيضا الذي لا يهمه سوى مصالحه الشخصية ، وعلى أعضاء الفيفا العرب وغيرهم في الضغط على رئيسها من أجل طرد إسرائيل منها. ويبدو أن هذه المؤسسة أصبحت على غرار الولايات المتحدة فإنفانتينو أصبح يسلك مسلك ترامب في حبه للسلطة وإصدار المراسيم والتقارير التي  تتناقض مع مبادىء الديمقراطية ، وإيجاد أعذار تخلو من الشرف والنزاهة. 


  أيضا فإننا نشعر باستياء بالغ من الخطاب الذي استخدمه رئيس الفيفا في محاولته جذب العالم ووسائل الإعلام، بشأن "تعاطفه" مع من يعانون جراء الصراعات العديدة الدائرة حول العالم اليوم ، حتى أنه لم يَذكر غزة أو الإبادة الجماعية في خطابه.

 

     كيف يمكن أن تنقل كرة القدم رسالة السلام والوحدة في الوقت الذي تدمر به البنية التحتية الرياضية على بكرة أبيها ويقتل الرياضيين واللاعبين بالمئات ، وكان آخرهم سليمان العبيد "بيليه فلسطين"؟ أي سلام يتحدث عنه إنفانتينو الذي يتناقض كلامه مع المواقف التي كان يطرحها بأن كرة القدم هي الوسيلة من أجل محاربة التمييز العنصري ووسيلة من أجل ترسيخ  حقوق الانسان والمساواة والعدالة. ومن المفارقات أيضا أن الفيفا قد أولت اهتمام بأحوال العمال وحالة المنشآت الرياضية التي كانت تبنيها قطر لكأس العالم 2022، وانتقدت حظر السفر الذي فرضته الولايات المتحدة على العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة في عام 2017 ، هذا بالإضافة إلى إبداء التعاطف "الإنساني" مع أوكرانيا الجارة "المتحضرة" ذات العيون الزرقاء. 

 

  يُذكرنا موقف الفيفا هذا بالغرب بشكل عام الذي يدعو إلى العدالة والديمقراطية لكنه يتجاهلها في تعامله مع إسرائيل.

     

No comments:

Post a Comment