ومن الصعب تحديد أي من هذه المشاركات هي الأفضل ، وهل حصول فلسطين على هذا العدد من الميداليات (منذ عام 1953 حتى 2011: 5 ذهبية ، 29 فضية ، 60 برونزية) هو مؤشر مقبول أم لا. لقد أتت مشاركة فلسطين في هذه الدورات في مراحل تاريخية مختلفة كان لها ميزاتها وخصائصها وانعكاساتها على التطور الرياضي . ومن المعروف أن الحركة الرياضية الفلسطينية كانت تعاني وما زالت من ظاهرة التشتت حيث أن مركز ثقل هذه الحركة كان قد انتقل منذ عام 1948 حتى وقتنا الحاضر من يافا إلى غزة إلى الأردن إلى لبنان إلى سوريا إلى تونس إلى غزة ثم استقر مؤخراً في رام الله. أيضا يجب الأخذ بعين الاعتبار زيادة عدد الدول العربية المشاركة في هذه الدورات مما أثر على تقاسم عدد الميداليات فيما بينها.
Saturday, January 25, 2020
فلسطين في الدورات الرياضية العربية 1953 - 2011
عصام الخالدي
ليس من الصدفة أن نرى فلسطين تشارك في دورة الألعاب العربية الأولى
في الإسكندرية عام 1953 ، وذلك بالرغم من مرور وقت قصير على نكبة
1948 . هذه المشاركة التي كانت بمثابة خطوة أولى عظيمة تخطوها الحركة الرياضية
الفلسطينية في محاولتها إظهار الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني ، خاصة في تلك الفترة (بعد النكبة بخمس سنوات) التي كان هذا
الشعب يعاني من الويلات التي سببتها النكبة ، وكان بحاجة ماسة لإثبات وجوده وهويته،
في وقت أنكر العالم به اسم فلسطين وشعبها وتغاضى عن معاناته وآلامه.
السؤال الذي يخطر على البال هو:
هل كانت فلسطين مهيأة بعد خمس سنوات من النكبة للمشاركة في هذه الدورة ؟ هل كان
الفريق الفلسطيني على اتم الاستعداد للمشاركة والتنافس مع نظرائه من الدول العربية
الأخرى التي كانت الأوضاع بها تتميز بنوع من الاستقرار وبمستوى رياضي جيد نسبياً ؟
لقد أتت مشاركة فلسطين في هذه
الدورات خاصة الأولى (1953) والثالثة (1961) لعدة أسباب ، أولا: أن الرياضة
الفلسطينية قبل النكبة كانت قد وصلت إلى مستوى جيد وذلك بفضل المقدرة والجهود التنظيمية
والإدارية للاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي اعيد تشكيله عام 1944 ، فقد انجبت تلك الفترة وما قبلها العديد
من الرياضيين (خاصة الملاكمين والمصارعين) والقياديين والمدربين الرياضيين الذين
كانوا ذي كفاءة عالية تؤهلهم للمشاركة في هذه الدورة ، وقد نزح الكثيرين منهم بعد عام 1948 إلى قطاع غزة ليعملوا كإداريين مثل زكي خيال
وصبحي فرح. ثانيا: الدعم الذي قدمته مصر لفلسطين في تلك الفترة ، فمن
المعروف أن قطاع غزة اصبح تحت الإدارة المصرية التي ساهمت في تطوير الرياضة
الفلسطينية في القطاع ، وساعدت بالاحتفاظ على هويته الفلسطينية في تلك الفترة .
ومن المعروف أنه قد تأسس في قطاع غزة المجلس
الإقليمي لرعاية الشباب الذي كان بمثابة وزارة الشباب والرياضة ، فكل ما تميزت به
غزة من نمو على الصعيد الرياضي جعلها مركز ثقل الحركة الرياضية الفلسطيني (بعد
يافا) ، ففيها تركزت الطاقات الرياضية التي قامت بوضع أسس للحركة الرياضية بعد
النكبة والتي استمرت حتى عام 1967.
لقد حرصت القيادة الوطنية في مصر على احتفاظ قطاع غزة باسم فلسطين في كافة المحافل العربية
والدولية وتم تثبيته رسميًا في الأمم المتحدة باعتباره" الجزء الباقي من فلسطين" كما التزمت بالإبقاء على القوانين الفلسطينية الصادرة بمرسوم فلسطين لسنة 1922 كما هي مع اشتراط عدم مخالفة هذا المرسوم لما جاء في النظام الأساسي الصادر بالقانون رقم 225 الصادر سنة 1955 ، وفي شهر آب 1958 أصدر مجلس الدولة المصري فتواه التي تؤكد على "أن قطاع غزة ينفصل انفصالاً كليًا عن دولة مصر من جميع النواحي التشريعية والتنفيذية والقضائية[1]".
يشير إبراهيم خليل السكسك في
كتابه (غزة عبر التاريخ) إلى أنه وتمشيا مع ذلك أنشأت الإدارة المصرية في
غزة "المجلس الإقليمي لرعاية الشباب" وكان برئاسة الحاكم العام نفسه
ويضم 25 عضوا من كبار المشتغلين بالحركات
الرياضية . وكان المجلس الأعلى لرعاية الشباب بالقاهرة يساعد هذا المجلس فنيا
وماديا. ومن المهتمين بالحركة الرياضية إذ ذاك نذكر: رشاد الشوا، زكي خيال، صبحي
فرح، إبراهيم عويضة، عبد الكريم عبد المعطي، خضر الجعفراوي ، أحمد العلمي ، عبد
الرؤوف الشوا. وقد انبثقت عن المجلس الإقليمي لرعاية الشباب ثماني لجان: لجنة
التربية الاجتماعية ، لجنة التربية الرياضية ، لجنة التربية القومية ، لجنة إعداد
القادة ، لجنة المنشآت والملاعب ، لجنة المعسكرات والرحلات ، اللجنة المالية ،
لجنة التخطيط العام.[2]
من هنا نرى أن قطاع غزة كان مؤهلا للمشاركة في
الدورة العربية الأولى والثالثة ، وذلك
بسبب هذا التطور الذي شهده القطاع في تلك الفترة والذي استمر حتى عام 1967 ، لتأتي
بعدها العقبات التي وضعها الاحتلال أمام الرياضة الفلسطينية في قطاع غزة . ولكن رغم
ذلك فإن ما تميزت به الرياضة هناك منذ عام 1948 وحتى وقتنا الحاضر أنها أصبحت جزء مقوّم من الثقافة الفلسطينية التي بدأت منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي واستمرت حتى
وقتنا الحاضر رغم الحصار والدمار والوضع الاقتصادي المتردي.
حصلت
فلسطين في الدورة العربية الأولى في الإسكندرية عام 1953على 11 ميدالية ، 5 فضية
و6 برونزية. شاركت بها تسع دول ، وتضمنت عشر رياضات. شارك اللاعب سالم الشرفا
منتخب فلسطين لكرة القدم . وتعادلت فلسطين مع العراق في عدد الميداليات وأتت في
المرتبة الرابعة بعد مصر ولبنان وسوريا . وفي كرة القدم خسرت فلسطين مع مصر 2: 8 ومع ليبيا 5 : 1 ، إلا أن الرياضيون
الفلسطينيون ابدعوا في الملاكمة ، وكان بينهم الملاكم اكرم عرفات الذي احرز الميدالية
الفضية في الملاكمة في هذه الدورة ، وحصل خليل
العفيفي على الميدالية البرونزية في
الملاكمة أيضا ، كما وفاز محمد الريس بالميدالية الفضية وكان قد مارس الملاكمة في
الجمعية الإسلامية في يافا وبعدها انتقل إلى نادي غزة الرياضي. ولا بد للإشارة بأن
الملاكمة كانت ضمن التقاليد الرياضية التي مشى عليها أبناء فلسطين منذ العشرينات
وحتى الستينات من القرن الماضي.
شاركت
فلسطين الدورة العربية الثالثة في الدار البيضاء عام 1961 – 11 لعبة ، وحصلت على 8
ميداليات 1 ذهبية نالها الملاكم عمر حمو (أول ميدالية ذهبية في دورة الألعاب
العربية) ، و7 برونزية . وحصل محمد سعيد أبو شهلا على ميدالية برونزية في رفع
الأثقال ، وفاز فاروق داود شلبية الذي مارس لعبة الملاكمة بنادي رعاية الشباب بالميدالية
البرونزية في الدروة العربية الثالثة بالدار البيضاء.
في
عام 1965 شاركت في الدورة العربية الرابعة في القاهرة وفازت بثلاث ميداليات واحدة فضية
وبرونزيتان ، ويعود احد أسباب التراجع إلى مشاركة دول عربية أخرى مثل السودان
والجزائر والتقدم الذي أحرزته العراق والمغرب على المستوى الرياضي. في
كرة القدم فازت فلسطين على لبنان 1/ صفر ، وعلى عُمان 1/ صفر .في هذه الدورات
الثلاثة كانت اغلبية الفريق من قطاع غزة.
في عام 1976 في دمشق شاركت فلسطين في
الدورة الخامسة ولم تفز بأي ميداليات ، ولربما يعود ذلك إلى الحرب الأهلية في
لبنان وضعف البينة التحتية للرياضة الفلسطينية. وفي عام 1985 في الرباط شاركت
وحصلت على اربع ميداليات 1 فضية و3 برونزية. ولأول مرة يشارك ملاكم من الضفة الغربية خليل
زاهدة ويحصل على الميدالية برونزية في الملاكمة. وفي عام 1992 في دمشق شاركت
فلسطين وحصلت على 9 ميداليات 1 ذهبية 2 فضية 6 برونزية. في عام 1997 شاركت فلسطين
في الدورة الثامنة في بيروت وحصلت على 4 ميداليات برونزية. وفي عمان - الأردن عام 1999 حصلت على ميدالية فضية وتسعة برونزية منها برونزية كرة القدم. وفي الجزائر عام
2004 حصلت فلسطين على ميداليتين فضية وبرونزية. وفي الدورة الحادية عشرة في مصر 2007
حصلت فلسطين على ثلاث ميداليات برونزية ولم يكن الأداء جيداً.
أما في الدورة الثانية عشرة في الدوحة في
2011 فقد شاركت فلسطين بأكبر وفد قوامه
161 لاعب ولاعبة وإداري في 16 لعبة حيث أنها المشاركة الأكبر في تاريخ المشاركات،
وحازت فلسطين على 1 ذهبية ، 2 فضية و5 برونزية. وكانت واحدة ذهبية للاعب كمال
الاجسام بيتر بيزنطي .
ورغم ضآلة عدد الميداليات منذ الدورة الأولى
وحتى الثانية عشرة إلا أن مشاركة فلسطين
كان لها مغزى معنوياً تمثل في إبراز اسم فلسطين، بالإضافة إلى أنها كانت وسيلة محفزة
للنشاط الرياضي الفلسطيني وأداة من أجل
تقييم أداء ومعرفة مستوى الفريق الفلسطيني على صعيد عربي، بالإضافة إلى أنها عكست
التضامن العربي مع قضية فلسطين ، وعملت على اختلاط وتوثيق عرى الصداقة بين شباب
فلسطين والشباب العربي.
ومن الصعب تحديد أي من هذه المشاركات هي الأفضل ، وهل حصول فلسطين على هذا العدد من الميداليات (منذ عام 1953 حتى 2011: 5 ذهبية ، 29 فضية ، 60 برونزية) هو مؤشر مقبول أم لا. لقد أتت مشاركة فلسطين في هذه الدورات في مراحل تاريخية مختلفة كان لها ميزاتها وخصائصها وانعكاساتها على التطور الرياضي . ومن المعروف أن الحركة الرياضية الفلسطينية كانت تعاني وما زالت من ظاهرة التشتت حيث أن مركز ثقل هذه الحركة كان قد انتقل منذ عام 1948 حتى وقتنا الحاضر من يافا إلى غزة إلى الأردن إلى لبنان إلى سوريا إلى تونس إلى غزة ثم استقر مؤخراً في رام الله. أيضا يجب الأخذ بعين الاعتبار زيادة عدد الدول العربية المشاركة في هذه الدورات مما أثر على تقاسم عدد الميداليات فيما بينها.
ومن الصعب تحديد أي من هذه المشاركات هي الأفضل ، وهل حصول فلسطين على هذا العدد من الميداليات (منذ عام 1953 حتى 2011: 5 ذهبية ، 29 فضية ، 60 برونزية) هو مؤشر مقبول أم لا. لقد أتت مشاركة فلسطين في هذه الدورات في مراحل تاريخية مختلفة كان لها ميزاتها وخصائصها وانعكاساتها على التطور الرياضي . ومن المعروف أن الحركة الرياضية الفلسطينية كانت تعاني وما زالت من ظاهرة التشتت حيث أن مركز ثقل هذه الحركة كان قد انتقل منذ عام 1948 حتى وقتنا الحاضر من يافا إلى غزة إلى الأردن إلى لبنان إلى سوريا إلى تونس إلى غزة ثم استقر مؤخراً في رام الله. أيضا يجب الأخذ بعين الاعتبار زيادة عدد الدول العربية المشاركة في هذه الدورات مما أثر على تقاسم عدد الميداليات فيما بينها.
المصادر
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment